العالم بعد تداعيات جائحة کورونا: دراسة للتغيرات الأمنية والسياسية والاقتصادية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ العلوم السياسية المساعد- کلية السياسة والاقتصاد– جامعة بني سويف

المستخلص

يتمثل الهدف الرئيسي للدراسة في تقييم الآثار الأمنية والسياسية والاقتصادية المترتبة على انتشار جائحة کورونا في معظم دول العالم. وقد سعت الدراسة إلى تسليط الضوء على ما أحدثته جائحة کورونا من آثار، باعتبارها تهديد مفاجئ غير تقليدي وغير عسکري، يدخل في نطاق ما يعرف بقضايا الأمن الشامل أو الواسع، ولا تصنف ضمن قضايا وتهديدات الأمن العسکري التقليدي (مفهوم الأمن الضيق). وهذا أمر متفق عليه بين الدارسين، وقد تناولت الدراسة الأبعاد الأمنية ثم السياسية ثم الاقتصادية بالترتيب وضعا في الاعتبار أن البعد الأمني تصدر المشهد بمنظوره الشامل والواسع ليتضمن البعدين السياسي والاقتصادي. وقد أوضحت الدراسة الفرق المفاهيمي بين المرض والوباء والجائحة. ومما لاشک فيه أن جائحة کورونا سلطت الضوء على جوانب أمنية جديدة منها دور الجيوش في التعامل مع جائحة غير مسبوقة في آثارها. کما طرحت قضايا سياسية جديدة على المستوى العالمي مثل الفراغ في القوى العالمية وطرح تصورات لنظام عالمي جديد. أما على الجانب الاقتصادي فقد أثرت جائحة کورونا بشکل سلبي غير مسبوق على الاقتصاد العالمي واقتصادات الدول، ما جعلها واحدة من أقوى الکوارث تأثيرا مقارنة مع أزمة "الکساد الکبير" (1929-1933)، والأزمة المالية العالمية عام 2008 على سبيل المثال. وقد خلصت الدراسة الى أنه رغم أن جائحة کورونا تدخل في تصنيف قضايا الأمن الشامل بتعريفه الواسع غير التقليدي، وجاءت في توقيت تسود فيه مفاهيم العولمة وانفتاح الحدود وسرعة الاتصال، وتراجع دور الدول نسبيا لصالح ظهور فاعلين جدد على الساحة الدولية، وهو ما قالت به النظرية الليبرالية، إلا أن سلوک وتصرفات الدول تجاه جائحة کورونا خالف کل ما سبق، وجاء، على العکس، متوافقا مع مقولات ومبادئ النظرية الواقعية التي سادت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وحقبة الحرب الباردة. حيث أغلقت الدول الحدود وتقوقعت على نفسها، وظهر التعاون بينها في حدوده الدنيا؛ حتي بين دول الاتحاد الواحد مثل الاتحاد الأوروبي (27 دولة). وأصبحت الدولة هي سيدة الموقف تتخذ من الإجراءات ما تراه مناسبا لحماية سلامة وأرواح مواطنيها. وبالتزامن مع ذلک ارتفعت الانتقادات للمنظمات الدولية بالعجز والتقصير، ومنها على وجه الخصوص منظمة الصحة العالمية. کما زاد التوتر بين أکبر قوتين على الساحة الدولية، الولايات المتحدة والصين وتصاعدت الاتهامات المتبادلة بين البلدين بما يذکر بالعودة الى أجواء حقبة الحرب الباردة. وربما لوساد نمط تعاوني أو تنسيقي أکبر على الساحة الدولية لکان بالإمکان التعامل مع الجائحة بشکل أکثر فعالية وإيجابية. وقد خلصت الدراسة الى أن جائحة کورونا برهنت على عدم وجود حد فاصل قاطع بين المقولات النظرية والسلوک العملي التي نادت بها النظرية الواقعية، وتلک التي تخص النظرية الليبرالية على الساحة الدولية؛ ذلک أن الأمر يعتمد على نوعية القضية المطروحة على الساحة الدولية وتوقيتها ودرجة شدتها ومصالح الدول إزاء کل ذلک، هو ما سيدفع الدول إلى الأخذ بما يناسبها من نظريات وسلوک يحقق مصالحها. 

الكلمات الرئيسية