الأسس المنهجية للتفسير السببي في العلوم الاجتماعية بين النموذج الوضعي والنموذج التأويلي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس فلسفة العلوم کلية التربية- جامعة عين شمس

المستخلص

ترکز هذه الدراسة على بحث الأسس المنهجية والأبستمولوجية للتفسير السببي في العلوم الاجتماعية بين نموذجين عُدا الأکثر إسهاماً وانتشاراً على الساحة السوسيولوجية، هما: النموذج الوضعي والنموذج التأويلي، من خلال تناول المبررات التي يستند إليها کل نموذج في تبرير ادعاءاته السببية.  يعتمد النموذج الأول علي المنهج العلمي الموضوعي، الذي قوامه تفسير الظواهر الاجتماعية على غرار التفسير السببي للظواهر الطبيعية. بينما يعتمد النموذج الثاني علي منهج التأويل العقلي الذي يقوم على فهم الدلالات والمقاصد والأغراض من وراء الأفعال الإنسانية المسئولة عن الظواهر المجتمعية المختلفة.
ثمة ثنائية حاضرة إذن في منهجية التفسير السببي في سياق العلوم الاجتماعية، يمکن التغلب عليها من خلال نموذج ثالث- نزعم- أنه قادر علي استيعاب النموذجين السابقين، وهو النموذج الاحتمالي القائم على التحليل العاملي، حيث يوظف هذا النموذج أکثر الأفکار حداثة، فضلا عن أنه أکثر النماذج قبولا وانتشارا في الوقت الراهن. يعتمد النموذج الاحتمالي- القائم على النمذجة الرياضية أو التحليل العاملي- على تطبيق القوانين الإحصائية عوضا عن القوانين الحتمية التي کانت سائدة في النموذج الوضعي، کما أن التأويل الاحتمالي يعد الأقرب إلى طبيعة الظاهرة الاجتماعية التي قوامها کائن عاقل متغير.
وتکتسب هذه الدراسة أهميتها في إبراز الدور الأبستمولوجي لفلسفة العلوم الاجتماعية في تناول هذه الإشکالية ذات الطابع الخاص، إشکالية التفسير السببي للأفعال الإنسانية والظواهر الاجتماعية وما يحکمها من ضوابط وقوانين. وقداعتمدنا- لتحقيق هذه الغاية- على منهجين: الأول منهج التحليل النقدي لعرض الأراء التي يستند إليها کل نموذج من نماذج التفسير السببي للظواهر الاجتماعية وتحليلها والکشف عن أوجه الاتساق أو التناقض فيها. والثاني منهج التحليل العاملي، کما تم توظيفه للکشف عن العلاقات السببية في سياق العلوم الاجتماعية. 
وقد أظهرت الدراسة أن الظواهر الاجتماعية معقدة للغاية ولا يمکن ردها الي سبب واحد أو قانون بعينه، وربما تتدخل عدة عوامل في تشکيل الظاهرة، ومن ثم يکون منهج التحليل العاملي هو المنهج الأکثر صلاحية في تحديد أي من هذه العوامل هو المسؤول عن الظاهرة، وکذلک في عملية التحليل الإحصائي لتحديد دور کل عامل في تشکيل الظاهرة الاجتماعية أو السلوک الإنساني.

الكلمات الرئيسية